كلام الناس

كان ابن جحا يخشى دائما كلام الناس ، ولا يريد ان يفعل شيئاً لا يعجبهم ، وأراد أبوه أن يقنعه بأن رضاء الناس شئ مستحيل ، فأحضر حماره وركب فوقه ، وطلب من ابنه أن يسير وراءه ومرا فى طريقهما على مجموعة من النساء ، ونظرن إليه فى غضب شديد وصرخن فى وجهة ، وقالت له واحدة : "أيها الرجل ، أليس فى قلبك رحمة ، تركب الحمار وتترك ابنك الضعيف يسير على قدميه ؟" نزل جحا من على الحمار، وأركب ابنه فوقه ، ومشى هو وراءه ، وما ان سار قليلاً حتى قابلة مجموعة من الشيوخ ، فنظروا إليه يضربون كفا بكل ويقـولون : " هل رأيتم عقوق الأبناء . . لهذا يفسد الأبناء . . كيف أيها الشيخ تمشى وأنت فى هذه السن ، وتترك ابنك يستريح فوق الحمار ؟ . هل تنتظر منه بعد ذلك أن يتعلم الأدب والحياء ؟" نظر جحا إلى ابنه وقال : هل سمعت ؟ هيا نركب الحمار معاً وسار الموكب ، الحمار وفوقه جحا وانبه ، فمروا على جماعة من أصدقاء جحا . . فصرخوا فيهما : " ألا تخافان الله . . كيف تركبان أنتما الاثنان هذا الحمار الهزيل ؟ . . ألا تعرفان أن كلاً منكما به من الحم والشحم ما يزيد على وزن الحمار؟" قال جحا لابنه : هيا ننزل من على الحمار ونسير على أقدامنا ويسير الحمار أمامنا ، فلا تغضب منا الناس ، ولا الشيوخ ولا الأصدقاء وفى هذه اللحظة رآهم بعض الأولاد ضاحكين : الواجب أن يحمل الرجل وابنه الحمار .فتحول جحا إلى شجرة ونزع منها غصناً قوياً متيناً وربط فيه الحمار ، ووضع طرف الغصن على كتفيه والطرف الآخر على كتف ابنه ، وسارا يحملان الحمار . . ورآهم الناس ، فاخذوا يجرون وراءهم مهللين ضاحكين ، حتى اجتمعت حولهم البلدة كلها ، وأخيراً وصلت الشرطة وفضت الزحام ، وأخذت جحا وابنه إلى مستشفى الأمراض العقلية . . وهنا نظر جحا إلى ابنه وقال : هل رأيت يا بنى هذه آخر عاقبة من يحاول إرضاء كل الناس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق